أحكام الصيام – الدرس الرابع – مفرغ
الدرس الرابع: مباحات الصيام ومبطلات الصيام إلى ما قبل ما يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفارة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، ﷺ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران:102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70- 71].
أما بعد..
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد،
مازلنا مع أحكام الصيام، ومع الدرس الرابع من أحكام الصيام من كتاب فقه السنة للشيخ الجليل السيد سابق رحمه الله تعالى بتحقيق الألباني رحمه الله تعالى، ومن التعليق عليه من كتاب تمام المنة للألباني رحمه الله تعالى، وكنا في الأسبوع الماضي وقد انتهينا في آخر الدرس عن الكلام عن آداب الصيام.
ونتكلم اليوم إن شاء الله تعالى عن مباحات الصيام، ثم عن مبطلات الصيام.
وقبل أن نبدأ الدرس -أي عن الصيام- علينا أن نعلم أن المسلم إذا دخل المسجد كما ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد:
أولًا- أن يقول دعاء المسجد «بسم الله، اللهم صلِّ على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك»، أو «بسم الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم»، ثم بعد ذلك يصلي تحية المسجد.
وإن كان الجالس في المسجد رسول الله ﷺ كيف يفعل؟
نجد الرجل الذي صلى في حديث المسيء في صلاته عندما دخل المسجد ماذا فعل؟ صلى سريعًا، ثم أتى ليسلم على النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: صلِّ فإنك لم تصلِّ … إلى آخر الحديث.
الشاهد من ذلك أن الرجل عندما دخل المسجد لم يسلِّم على النبي ﷺ، وإنما صلى أولًا تحية المسجد، ثم ذهب فسلَّم على النبي ﷺ، فابن القيم رحمه الله يقول: فحق الله تعالى أولًا أي تحية المسجد، ثم حق الجالس ثانيًا.
أما إذا دخل الإنسان المسجد ولم يُرِد الجلوس ففي الحديث يقول النبي ﷺ كما في صحيح مسلم يقول: إذا دخل أحدكم مجلسًا فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإن كان لا يريد الجلوس فبهذه الحالة يقضي مصلحته، ثم يرجع دون أن يصلي لأنه لا يجلس.
مباحات الصيام
المباح هو الذي لا ثواب عليه ولا عقاب، يعني لا يأثم عليه ولا يأخذ حسنة عليه إلا إذا كان قد نوى أن يكون العمل لله، فالذي يأكل وينوي أن ذلك لله فإنه يثاب، وكما نعلم أن الله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة:183]، ويقول ﷺ في الصحيحين: «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه».
ويباح في الصيام ما يأتي:
أولًا: نزول الماء والانغماس فيه
لما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي ﷺ أنه حدَّثه فقال: “لقد رأيت رسول الله ﷺ يصبُّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر”. رواه أحمد ومالك وأبو داود، وهو صحيح كما في صحيح أبي داود.
أي إن الإنسان إذا أحسَّ بالعطش واغتسل ولو بالماء البارد من أجل أن يذهب عنه الحر والعطش، ففي هذه الحالة لا شيء في ذلك.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها “أن النبي ﷺ كان يصبح جُنبًا وهو صائم ثم يغتسل”.
إذن في الصيام لا يشترط أن يبدأ الإنسان الصيام على طُهر أي نقصد بالأخص الجنابة يعني فإذا كان الإنسان لم يغتسل إلا بعد الفجر فصيامه صحيح لا شيء فيه، أما الحائض والنفساء كما نعلم لا صيام عليهما وعلى المرأة منهما أن تقضي ما فاتها بعد رمضان.
فإن دخل الماء في جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح طالما أنه لم يتعمَّد.
ثانيًا: الاكتحال والقطرة ونحوهما
الاكتحال والقطرة ونحوهما مما يدخل العين سواء أَوجد طعمه في حلقه أم لم يجده؛ لأن العين ليست منفذًا إلى الجوف.
وعن أنس “أنه ﷺ كان يكتحل وهو صائم” حسن موقوف كما في صحيح أبي داود.
ثالثًا: القُبلة
لمن قدِرَ على ضبط نفسه، ولا يؤذي زوجه -أي زوجته- يعني لو كانت هي أيضًا يؤثر عليها ففي هذه الحالة يجب أن يبتعد عنها، فالقبلة من مباحات الصيام لمن قدر على ضبط نفسه، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي ﷺ يُقبِّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وكان أملكَكُم لإرْبه ﷺ” متفق عليه.
وسنرى معنى المباشرة إن شاء الله تعالى، وليس معناها أنه يجامع زوجته، كلا ولكن المقصود أنه لو التصق بزوجته توددًا وسكنًا وما شابه ذلك، فليس عليه شيء أما الجماع فهذا يبطل الصوم.
وعن عمر أنه قال: هششت يومًا (أي نشطتُ) فقبَّلتُ وأنا صائم، فأتيتُ النبي ﷺ فقلت: صنعتُ اليوم أمرًا عظيما، قبَّلتُ وأنا صائم! فقال رسول الله ﷺ: «أرأيتَ لو تمضْمَضتَ بماء وأنت صائم» قلت: لا بأس في ذلك. قال «فيمَ؟» أي فيم السؤال) والحديث صحيح كما في صحيح أبي داود.
قال ابن المنذر: رخَّص في القبلة عمر وابن عباس وأبو هريرة وعطاء والشعبي والحسن وأحمد وإسحاق، ومذهب الأحناف والشافعية أنها تُكره لمن حرَّكت شهوته، ولا تُكره لغيره لكن الأولى تركها، ولا فرق بين الشيخ (أي المسن) والشاب في ذلك، والاعتبار بتحريك الشهوة وخوف الإنزال، فإنْ حرَّكت شهوة شاب أو شيخ قوي كُرهت، وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف لم تُكره والأولى تركها، وسواء قبَّل الخدَّ أو الفم أو غيرهما، وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم القبلة.
رابعًا: من مباحات الصيام الحقنة مطلقًا
سواءً أكانت للتغذية أم لغيرها، وسواء أكانت في العروق أم تحت الجلد، فإنها وإن وصلت إلى الجوف فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد، وسنرى إن شاء الله تعالى أن الحُقنة أيًّا كانت فإنها لا تؤثر.
وهذا كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث يقول: وكذلك الحقنة (ي الشرجية، فإنها لا تُفطر الصائم، والتي فيها الصابون وتدخل في الدبر من الخلف) لا تغذِّي بل تستفرغ ما في البدن كما لو شمَّ شيئًا من المسهلات، أو فزع فزعًا أوجب استطلاق جوفه، وهي لا تصل إلى المعدة.
إذن الحقنة مطلقًا أيًّا كانت هذه الحقنة حتى لو كانت مغذية لا تبطل الصيام، حتى ما يسمونها بالسكري أو الجلوكوز أو ما شابه.
وسنتكلم في آخر الدرس عن المباحات عن مسألة تضمن هذه الأشياء أنت بنفسك سنرى متى يبطل ومتى لا يبطل.
خامسًا: الحِجامة
الحجامة أخذ الدم من الرأس، أما الفَصد أخذ الدم من أي عضو، فالناس الآن يطلقون الحجامة على كل شيء حتى الذي يأخذ من ظهره يسمونه حِجامة، ولكن هذا يسمى فصدًا.
وهناك عدة أحاديث في فضل الحجامة في صحيح الجامع منها يقول ﷺ: «الشفاء في ثلاثة: -ثم ذكر ﷺ- شَرطة مِحجَم» وأيضا يقول ﷺ في صحيح الجامع: «ما مررتُ ليلةَ أُسرِي بي على ملأٍ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد، مُرْ أمتَك بالحجامة». و”قد احتجم النبي ﷺ وهو صائم” رواه البخاري. إلا إذا كانت تُضعف الصائم فإنها تُكره له، قال ثابت البناني لأنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله ﷺ؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف. رواه البخاري. والفصد مثل الحجامة في الحكم.
سادسًا: المضمضة والاستنشاق
هذه من مباحات الصيام لا شيء فيها، وكثير من الناس وهو صائم إذا توضأ لا يغسل فمه، وهذا بالطبع خلاف الحق، فعندما كنا نتكلم من قبل في أحكام الصلاة في المضمضة والاستنشاق علمنا أنه في فقه السنة أتت المضمضة والاستنشاق تحت عنوان سنن الصلاة، فكان التعليق في تمام المنة قال: إذا كان المقصود بالثلاث فهذا من السنة، أما المضمضة والاستنشاق من السنة أم لا فيرجح أنها من فرائض الوضوء.
وعلمنا أن هناك من يرى وجوب المضمضة والاستنشاق؛ لأنهما من الوجه والرأس، وكما علمنا أن النبي ﷺ لم يترك المضمضة والاستنشاق ولا مرة واحدة، وإنما تخفف في الأعداد بدلًا من أن يغسل الأعضاء ثلاث مرات غسلها مرتين، وغسلها مرة واحدة، وهذا لبيان الجواز.
إذن الذي يترك المضمضة بحيث لا يدخل شيء في فمه يكون وضوءه باطلًا، هذا عند مَن يرى أن المضمضة والاستنشاق واجب، وبالتالي طالما أن الوضوء قد بطل إذن تبطل الصلاة عند من يرى ذلك، والجمهور على أن المضمضة والاستنشاق سنة، وبالتالي لا تبطل بهما الصلاة، إذن من مباحات الصيام المضمضة والاستنشاق.
وقد علمنا أن هناك من يرى المضمضة والاستنشاق من سنن الوضوء، ومنهم من يرى أنهما من فرائض الوضوء، وبالتالي إذا كان من فرائض الوضوء فلا يتركه الصائم، وأيضا لا يتركهما غير الصائم؛ لأن كثيرا من الناس يترك المضمضة والاستنشاق عند الصيام، إلا أنه تُكره المبالغة فيهما، فعن لقيط بن صبرة أن النبي ﷺ قال: «إذا استنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائمًا» رواه أصحاب السنن، وقال: الترمذي حسن صحيح. وهو صحيح كما في صحيح أبي داود.
وقد كره أهل العلم السعوط للصائم، أي وضع الدواء في الأنف، ورأوا أن ذلك يفطر، وفي الحديث ما يقوي قولهم.
قال ابن قدامة: وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عليه، وبه قال الأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه، ورُوي ذلك عن ابن عباس، وقال مالك وأبو حنيفة يفطر؛ لأنه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرًا لصومه فأفطر كما لو تعمَّد شربه. قال ابن قدامة مرجحًا الرأي الأول: ولنا أنه وصل الماء إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه، وبهذا فارق المتعمد وهذا هو الصحيح.
قال ابن عباس: دخول الذباب إلى حلق الصائم لا يفطر؛ لأنه لا أحد في الدنيا يقبل أن يدخل الذباب في فمه إلا أن يكون رغمًا عنه.
إذن الرأي الأول هو الصحيح، أنه لو تمضمض أو استنشق ونزل الماء من غير قصد فلا شيء عليه، هذا هو الصحيح؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:5].
سابعًا: يباح له ما لا يمكن الاحتراز عنه
وذلك كبلع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والنخامة ونحوه، فلو كنت صائمًا وبلعت نخامتك فلا شيء فيها، وقال ابن عباس: لا بأس أن يذوق الطعام الخل والشيء يريد شراءه لكن يذوق ثم يبصقه مرة أخرى، وكان الحسن يمضغ الجوز لابن ابنه وهو صائم، ورخَّص فيه إبراهيم.
والآن يوجد الخلاط لكن إن اضطر أن يمضغ لابنه أو المرأة لابنها الصغير ثم تبصقه مباشرة فلا شيء في ذلك.
وأما مضغ العلك فإنه مكروه. وهو اللبان، وهناك أقسام للبان الموجود في عصرنا، فالموجود حاليا في كل الدكاكين لبان يُفطر، واللبان الآخر يسمونه لبان الدكر وهو كالحصى لا يتفتت ولا يتسرَّب منه أجزاء كالحصى، كأنك أدخلتَ حصاة في فمك.
وأما مضغ العلك -أي اللبان- فإنه مكروه إذا كان لا يتفتَّت منه أجزاء.
وممن قال بكراهته الشعبي والنخعي والأحناف والشافعي والحنابلة، ورخصت عائشة وعطاء في مضغه؛ لأنه لا يصل إلى الجوف فهو كالحصاة يضعها في فمه. هذا إذا لم تتحل منه أجزاء، فإن تحللت منه أجزاء ونزلت إلى الجوف أفطر.
قال ابن تيمية: وشم الروائح الطيبة لا بأس به للصائم.
يعني الطيب والعطور والبخور وهذه الأشياء
ثم بعد أن ذكر شيخ الإسلام الكحل والحقنة وهذه الأشياء قال رحمه الله: فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول ﷺ بيانه، ولو ذكر ذلك لعلَّمه الصحابة وبلَّغوه الأمة كما بلَّغوا سائر شرعه.
خلاصة الأقوال: فلو كان هذا مما يُفطر لبيَّنه النبي ﷺ كما بيَّن الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك عُلم أنه من جنس الطيب والبخور والعطر.
ثامنًا: ويباح للصائم أن يأكل ويشرب ويجامع حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر وكان في فمه طعام وجب عليه أن يلفِظَه، أو كان مجامعًا وجب عليه أن ينزع.
فإن لفظ أو نزع صحَّ صومه، وإن ابتلع ما في فمه من طعام مختارًا أو استدام الجماع أفطر.
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتوم»
والتعليق على ذلك من (تمام المنة) يقول الألباني رحمه الله: فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام، قال هذا تقليدًا لبعض الكتب الفقهية، وهذا مما لا دليل عليه في السنة المحمدية، بل هو مخالف لقوله ﷺ «إذا سمعَ أحدُكم النداءَ والإناءُ على يده (الأذان الثاني وليس الأول) فلا يضعُه حتى يقضيَ حاجتَه منه» أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم والذهبي، وأخرجه ابن حزم وذاك قال عمار (أي ابن أبي عمار) يعني رواية عن أبي هريرة «وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر».
ما معني ذلك؟ «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» يقول رحمه الله: وفيه دليل على أن مَن طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب يجوز له ألا يضعه حتى يأخذ حاجته منه، فهذه الصورة مستثناة من الآية {وكلوا واشربوا ….الفجر} فلا تعارض بينها وما في معناها من أحاديث وبين هذا الحديث، ولا إجماع يعارضه، بل ذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث، وهو جواز السحور إلى أن يتضح الفجر وينتشر البياض في الطرق. راجع الفتح الباري لابن حجر العسقلاني في الجزء الرابع صـ 109 و110.
وإن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة؛ لأنهم يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون، ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في هذه البدعة.
هذا الكلام ذكره الألباني رحمه الله تعالى في شريط «فتاوى رمضانية»، وسأله أحد الناس فقال: ما معنى أن يكون الإناء على يده؟ يعني لا بد أن يكون الإناء على يده قال: هذه ظاهرية، وإنما إذا كان يأكل والأكل أمامه فله أن يستمر، أما لو سمع إنسان أذان الفجر ذهب إلى الأكل كي يأتي به أو ذهب إلى الماء لكي يشرب فعلى هذا الحديث يبطل صيامه؛ لأن الحديث إذا كان يأكل والأذان أذَّن وأمامك الأكل والشرب وأنت تأكل.
هذا الحديث الذي ذُكر في فقه السنة فيه دليل يؤيد الحديث الذي ذكرناه الآن، وهو قوله ﷺ فيما رواه البخاري ومسلم: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» كما نعلم فإن الذي يؤذن الأذان الأول بلال، والذي كان يؤذن الأذان الثاني هو ابن مكتوم، فهناك بعض الآراء تقول إن المقصود بهذا هو الأذان الأول وهذا خطأ؛ لأنه معلوم عند عامة الناس أن الأذان الأول لك أن تأكل فيه فلا يحتاج هذا إلى نص، وكما نعلم أن الذي كان يؤذن الأذان الأول هو بلال، فعندما يقول النبي ﷺ: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» فهذا يُعلم منه أن بلالًا كان هو الذي يؤذن الأذان الأول فلا يحتاج هذا إلى توضيح في الكلام.
وهنا أمانة علمية قد بيناها، وهي أن للعلماء رأيين بخصوص المسألة، وبذلك نكون قد وضحنا الأمر، ويكون كل إنسان له أن يأخذ ما شاء، وما قيل في الطعام والشراب يقال في الجماع أيضًا.
تاسعًا: ويباح للصائم أن يصبح جنبًا
وقد وضحنا ذلك أيضًا، فلو احتلم الإنسان وأصبح صائمًا فلا شيء عليه، ويحتلم وهو صائم فيكون جنبًا لا شيء عليه أيضًا؛ لأن هذا شيء ليس في وسعه.
عاشرًا: والحائض والنفساء إذا انقطع الدم من الليل جاز لهما تأخير الغسل إلى الصبح، وأصبحتا صائمتين ثم عليهما أن تطهرا للصلاة.
وقد وضحنا ذلك في أحكام الحيض والنفاس متى تصلى المرأة ومتى لا تصلي، وطالما أنها في استطاعتها أن تتوضأ قبل خروج الوقت فعليها أن تصلى.
هذا الذي ذكرناه تحت عنوان «مباحات الصيام»، وسنتكلم الآن إن شاء الله تعالى عما يبطل الصيام.
ما يبطل الصيام قسمان:
أولًا: ما يبطله ويوجب القضاء
ثانيًا: ما يبطله ويوجب القضاء والكفارة
فأما ما يبطله ويوجب القضاء فقط (يعني عليه أن يقضي يومًا مكانه) فهو ما يأتي:
أولًا: الأكل والشرب عمدًا؛ لأن كثيرًا من الناس يظن أن من أكل متعمدًا في رمضان فعليه أن يصوم شهرين، هذا الكلام غير صحيح عند الجمهور.
فإن أكل أو شرب ناسيًا أو مخطئًا أو مكرهًا فلا قضاء وعليه ولا كفارة، يعني إذا أكل أو شرب في رمضان أو في غير رمضان في صيام النفل مكرهًا فلا شيء عليه، أنت صائم في نهار رمضان وأتاك رجل بسلاح فقال لك: إن لم تفطر الآن سأضربك وأقتلك فإن أفطر فصيامه صحيح؛ لأنك مُكره وليس عمدًا.
فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «من نسِيَ وهو صائم فأكل أو شرب فليُتِمَّ صومَه، فإنما أطعمه الله وسقاه» رواه الجماعة، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وأيضًا يقول ﷺ: «مَن أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح. رواه الدارقطني والبيهقي والحاكم حسن كما في الصحيح الجامع.
الفرق بين الحديث الثاني والحديث الأول أن الحديث الأول «من نسي وهو صائم» لم يبين في الفريضة أو في النافلة، في رمضان أو في غير رمضان، أما الثاني قال «في رمضان» وإذا كان هذا جائزًا في رمضان ففي غير رمضان من باب أولى.
ويقول ﷺ: «إن الله وضَع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه» رواه ابن ماجة والطبراني والحاكم صحيح كما في صحيح ابن ماجه.
أول شيء يبطل الصيام ولا كفارة أولا وثانيا الأكل والشرب عمدا.
والنوم عند القرآن من الشيطان وعند الخوف وعند القتال من الرحمن {إذ يغشيكم النعاس ءامنة منه} معنى هذا الكلام في زاد المعاد.
ثالثًا من مبطلات الصيام القيء عمدًا
فإن غلبَه القيءُ فلا قضاء عليه ولا كفارة، فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «مَن ذرعه القيء فليس عليه قضاء -ذرَعه أي غلبَه- ومَنِ استقاء عمدًا فليقضِ» استقاء (أي تعمَّد القيء) واستخراجه بشم ما يقيئه أو بإدخال يده، يعني أخذ أي شيء أو وضع يده أو أصبعه من أجل أن يتقيأ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وهو صحيح كما في صحيح أبي داود
قال الخطابي: لا أعلم خلافًا بين أهل العلم في أن مَن ذرعه القيء فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن مَن استقاء عامدًا فعليه القضاء.
رابعًا وخامسًا من مبطلات الصيام الحيض والنفاس
ولو في اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس، يعني ولو قبل غروب الشمس بنصف دقيقة، وهذا مما أجمع العلماء عليه.
سادسًا: الاستمناء
الاستمناء هو تعمُّد إخراج المني بأي سبب من الأسباب، يقول الله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون} [المؤمنون: 5-7] استدل الإمام الشافعي رحمه الله على تحريم الاستمناء سواء من الرجل أو المرأة بهذه الآية؛ لأن للرجل منيًّا، وللمرأة مني أيضًا، والاستمناء حرام بنص القرآن ومن أجازه لا دليل عنده، ومخالف لرأي جمهور العلماء.
هنا يقول من مبطلات الصيام الاستمناء سواء أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه أو كان باليد، فهذا يُبطل الصوم ويوجب القضاء، فإن كان سببه مجرد النظر نهارًا في الصيام لا يبطل الصوم ولا يجب فيه شيء، وكذلك المذي لا يؤثر في الصوم قلَّ أو كثُر، وهذا ليس فيه خلاف.
والمني ينزل بتدفق، والمذْي يخرج حين يتذكر الإنسان الجماع وينزل سائل خفيف ليس بتدفق، والودي ما ينزل بعد البول.
الذي يعنينا هنا الكلام عن المني، تعليقًا على ما جاء في فقه السنة “الاستمناء أي إخراج المني سواء كان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه أو كان باليد فهذا يبطل الصوم ويوجب القضاء” قلت (أي الألباني): لا دليل على الإبطال بذلك وإلحاقه بالجماع غير ظاهر، ولذلك قال الصنعاني: الأظهر أنه لا قضاء ولا كفارة إلا على مَن جامَع، وإلحاق غير المجامع بعيد، وإليه مال الشوكاني، وهو مذهب ابن حزم فانظر المحلى.
ومما يرشدك إلى أن قياس الاستمناء على الجماع قياس مع الفارق أن بعض الذين قالوا به في الإفطار لم يقولوا به في الكفارة، قالوا لأن الجماع أغلظ والأصل عدم الكفارة، يعني إذا اعتبرنا هذا جماعًا وهو متعمد إذن من باب أولى يكون عليه كفارة صيام شهرين متتابعين.
ونحن الآن نبين الحكم لأن العلماء يفرقون بين الفتوى والتقوى، الفتوى حكم شرعي، والتقوى الاحتياط، فأنت لا تُلزم الناس بالتقوى، وإنما تُلزمهم بالفتوى، يعني هذا من باب شرب اللبن حلال فلو شربه وهو صائم يُفطر، أنا أتكلم عما يفطر وما لا يفطر سواء أكان هذا في حد ذاته حلالًا في الأصل أم حرامًا، مثلًا رجل عنده مال حرام وأكل هذا المال، فنحن ننظر من ناحية هل الأكل في حد ذاته يفطر أم لا؟ لكن لا ننظر هل هذا المال الحرام يُقبل به صيام أم لا يقبل؟ هل يأثم أم لا يأثم؟ هذه مسألة أخرى، فالنظر من ناحية الإفطار وعدم الإفطار.
فكذلك نحن نقول الأصل عدم الإفطار والجماع أغلظ من الاستمناء فلا يقاس عليه، وقال الرافعي: المني إن خرج بالاستمناء أفطر؛ لأن الإيلاج من غير إنزال مفطر، فالإنزال بنوع شهوة أولى أن يكون مفطرًا. قلت: لو كان هذا صحيحًا لكان إيجاب الكفارة في الاستمناء أولى من إيجابها على الإيلاج بدون إنزال، الإيلاج بدون إنزال يعني جامَع زوجته إلا أنه لم ينزل وهم لا يقولون أيضًا بذلك، فتأمل.
إلى أن قال: وترجم ابن خزيمة رحمه الله لبعض الأحاديث المشار إليها بقوله في صحيحه “باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم والدليل على أن اسم الواحد قد يقع على فعلين” إلى آخر الكلام. لك أن تقرأه بالتفصيل في فقه السنة إلى أن قال الألباني رحمه الله: وأما حكم الاستمناء نفسه فلبيانه مجال آخر، وبالطبع علمنا حرمة ذلك.
سابعًا: مما يبطل الصيام تناول ما لا يُتغذَّى به من المنفذ المعتاد إلى الجوف مثل تعاطي الملح الكثير، فهذا يفطر في قول عامة أهل العلم رغم أنه لا يتغذى به.
ثامنًا: ومَن نوى الفطر وهو صائم بطَل صومه، وهذه النقطة ستأتي في النقطة التاسعة أما هذه النقطة فليس فيها خلاف، وسنرى كلام ابن تيمية والبخاري في النقطة التاسعة.
مَن نوى الفطر وهو صائم بطل صومه وإن لم يتناول مفطرًا، فإن النية ركن من أركان الصيام، فإن نقضَها قاصدًا الفطر ومتعمدًا له انتقض صيامه لا محالة. كيف ذلك؟ يعني لو أن إنسانًا كان صائمًا (خاصة في الفريضة) ثم تردد هل أفطر أم أصوم؟ فهو لم ينوِ الفطر ولكن إن خطا خطوات ناحية المطبخ ثم رفع غطاء الإناء وبعد أن رفعه أنَّبه ضميره ففي هذه الحالة صيامه قد بطل؛ لأنه ذهب ليأكل، ومع ذلك فإنه يجب عليه أن يظل ممسكًا إلى المغرب أيضًا، ففي هذه الحالة هو أفطر؛ لأنه نوى الإفطار واتخذ خطوات ناحية موضع الطعام ليأكل.
تاسعا: إذا أكل أو شرب أو جامع ظانًّا غروب الشمس وعدم طلوع الفجر، فظهر خلاف ذلك.
يعني إنسان انقطع عنه الكهرباء فلا يسمع المذياع وهو في شارع ضيق لا يرى الشمس إلا غبًّا، ولا يرى النور إلا غبًّا فأكل، فبعد أن أكل اتضح أن الفجر أذَّن من نصف ساعة أو ساعة على الأقل، أو أذن الفجر والشمس طلعت وهو لا يدري في هذه المسألة حكم، والعكس أيضًا: أكل ظنًّا أن الشمس قد غابت مثل الرجل المسكين هذا الذي ليس عنده مذياع وانقطعت عنه الكهرباء وهو وفي مكان لا يرى الشمس، فبعد أن أكل وشرب اتضح أن الشمس لم تغرب فما حكم هذه المسألة؟
نقول الرأي الموجود الآن ثم رأي ابن تيمية والبخاري من ناحية فقه الحديث.
“إذا أكل أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس وعدم طلوع الفجر فظهر خلاف ذلك فعليه القضاء عند جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة”.
الرأي الثاني وهو الصحيح وذهب إسحاق وداود وابن حزم وعطاء وعروة والحسن البصري ومجاهد إلى أن صومه صحيح ولا قضاء عليه لقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:5] وكما نعلم يقول ﷺ: «إن الله وضعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ..” إلى آخره” صحيح كما تقدم.
وروى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا يومًا من رمضان في غَيم على عهد رسول الله ﷺ ثم طلعت الشمس” ما يقال على من أكل ظنًّا أن المغرب قد أُذن لها أو غابت الشمس يقال أيضًا على مَن أكل وظن أن الفجر أذن وهو لم يؤذن، أو ظن أن الشمس طلعت وما طلعت.
وحديث «أفطرنا يومًا من رمضان في غيمٍ على عهد رسول الله ﷺ ثم طلعت الشمس» قال ابن تيمية: وهذا يدل على شيئين:
الأول يدل على أنه لا يُستحبُّ مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب، فإنهم لم يفعلوا ذلك ولم يأمرهم به النبي ﷺ والصحابة مع نبيهم ﷺ أعلم وأطوع لله ورسوله ممن جاء بعدهم.
الفائدة الثانية: يدل على أنه لا يجب القضاء، هذا الرجل الذي أكل وظن أن الفجر ما أذَّنَ أو أن الشمس ما طلَعت صيامه صحيح، أو الذي ظن أن الشمس غابت ثم اتضح له أنها لم تغِب وظهرت مرة أخرى، يقول بأن هذا يدل على أنه لا يجب القضاء فإن النبي ﷺ لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نُقل فطرُهم، فلما لم يُنقَل دلَّ على أنه لم يأمرهم به ﷺ.
الحديث يقول: «أفطرنا يومًا من رمضان في غيم على عهد رسول الله ﷺ ثم طلعت الشمس» فهنا الصحابة ما نقلوا وقالوا إن النبي ﷺ قال لنا: “إن صيامكم باطل” إذن سكت النبي ﷺ، وطالما أنه سكت فلا شيء، وإذا غاب ذلك عن النبي ﷺ فلم يغب عن الله تعالى الذي يقول {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] فالنبي ﷺ {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4] فلا ينطق النبي عن الهوى وإنما ينطق بأمر الله سبحانه وتعالى، إذَن هذا ما يبطل الصيام وليس عليه كفارة، يعني عليه أن يقضي يومًا مكانه ولكن ليس عليه كفارة.
وفي الدرس القادم سنتكلم عما يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفارة، يعني صيامه باطل وعليه أن يقضي يومًا مكانه وعليه أن يصوم شهرين، مثل مَن جامَع في نهار رمضان فصيامه باطل وعليه أن يقضي يومًا مكان هذا اليوم ثم عليه كفارة من صيام شهرين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا هي أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، آمين .. وصلَّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.