قضاء رمضان وأحكامه
قضاء رمضان وأحكامه
قضاء رمضان
قضاء رمضان لا يجب على الفور، بل يجب وجوبًا موسعًا في أي وقت، وكذلك الكفارة.
وسنقرأ إن شاء الله تعالى ما جاء في «تمام المنة» بعد أن ننتهي هنا إن شاء الله تعالى.
فقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان -كما في صحيح مسلم- ولم تكن تقضيه فورًا عند قدرتها على القضاء.
يعني من غير المعقول أن عائشة رضي الله عنها لم تصُم مثلًا يوم عاشوراء، ولا في يوم من الأيام كالاثنين والخميس، معنى ذلك أنها كانت تصوم النفل ثم تقضي ما عليها بعد ذلك.
وتظهر هذه المسألة بعد رمضان في صيام الست من شوال، فلو قلنا إن المرأة يجب عليها أن تقضي ما عليها من رمضان على سبيل الفور، معنى ذلك أنها لا تصوم أيامًا من شوال، بل عليها أن تصوم ما عليها من رمضان ثم لها أن تصوم ستًّا من شوال.
ولو قلنا: إن لها أن تصوم على التراخي كما قالت عائشة رضي الله عنها: “كنت أقضي ما عليَّ من رمضان في شعبان، كما سيأتي الحديث الآن، في هذه الحالة فعلمنا الآن أنه يجوز على التراخي.
لكن في هذه المسألة في «تمام المنة في التعليق على فقه السنة»، يقول ردًّا على كلام قضاء رمضان لا يجب على الفور، قد قلت: يتنافى مع قوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [آل عمران: 133].
فالحق وجوب المبادرة إلى القضاء حين الاستطاعة، وهو مذهب ابن حزم، وليس يصح في السنة ما يعارض ذلك.
أما ما صح عن عائشة رضي الله عنه أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان ولم تكن تقضيه فورًا عند قدرتها على القضاء.
قال في تمام المنة: وليس بصواب؛ لأنه ليس في حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقدر أن تقضيه فورًا، بل فيه عكس ذلك، فإن لفظ الحديث عند مسلم، “كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله ﷺ، أو برسول الله ﷺ.
يعني كانت مشغولة بالرسول ﷺ، أي: إنها ما كانت تستطيع، وهكذا أخرجه البخاري أيضًا في صحيحه، خلافًا لما أوهمه تخريج المصنف.
وفي رواية لمسلم عنها قالت: إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله ﷺ فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله ﷺ حتى يأتي شعبان.
فالحديث بروايته صريح في أنها كانت لا تستطيع ولا تقدر على القضاء قبل شعبان، وفيه إشعار بأنها لو استطاعت ما أخرته.
وعلى العموم هذه مسألة خلافية، والإمام الشافعي رضي الله عنه يقول: إن الله لا يعذِّب فيما اختلف فيه العلماء.
يعني العلماء المعمول بخلافهم، وليس أي إنسان يقول أي كلام.
ما زلنا في الكلام عن قضاء رمضان، وهذه الأحكام الخاصة بالقضاء يجب أن ننتبه إليها، لأنها تعم كثيرًا من الناس.
والقضاء مثل الأداء، بمعنى أن من ترك أيامًا يقضيها دون أن يزيد عليها.
لو أن عليك أيامًا من رمضان عليك أن تكون هذه الأيام مثل الأداء.
وكما نعلم في إطعام المسكين وجبة واحدة فقط،
هنا ما الفرق بين القضاء والأداء؟
ويفارق القضاء الأداء، في أنه لا يلزم فيه التتابع، لقول الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
أي: ومَن كان مريضًا، أو مسافرًا فأفطر، فليصُم عدة الأيام التي أفطر فيها في أيام أُخر، متتابعات أو غير متتابعات، فإن الله تعالى أطلق الصيام ولم يقيِّده.
سؤال آخر: إن أخَّر القضاء حتى دخل رمضان آخر، ماذا يفعل؟
إنسان عليه عشرة أيام من رمضان ثم دخل رمضان الحاضر وهو عليه من رمضان لم يصمها، ماذا يفعل؟
وإن أخَّر القضاء حتى دخل رمضان آخر، صام رمضانَ الحاضر، ثم يقضي بعده ما عليه، ولا فدية عليه.
يصوم رمضان مع الناس ثم يقضي ما عليه من رمضان الماضي تماما مثل الصيام، سواء كان التأخير لعذر، أم لغير عذر.
يعني ليس هناك فدية ولا كفارة على هذا التأخير.
وهذا مذهب الأحناف، والحسن البصري.
ووافق مالك والشافعي، وأحمد، وإسحق، والأحناف في أنه لا فدية عليه، إذا كان التأخير بسبب العذر.
وخالفوهم فيما إذا لم يكن له عذر في التأخير.
فالظاهر أن ما ذهب إليه الأحناف؛ فإنه لا شرع إلا بنص صريح، يعني سواء كان التأخير بعذر أو بغير عذر، عليه أن يقضي أيامًا مكان التي أفطرها ولا زيادة على ذلك.